مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، تبرز آمال كبيرة بتحسن ملحوظ في الاقتصاد المصري، الذي عانى من ضغوط متزايدة خلال الفترة الماضية، الاتفاق يفتح الباب أمام انتعاش في عدة قطاعات، بدءًا من قناة السويس مروراً بالسياحة وحتى الاستثمارات الأجنبية، بحسب خبراء اقتصاديين.
تأثير وقف إطلاق النار في غزة على قناة السويس
وتمثل قناة السويس، شرياناً حيوياً للتجارة العالمية وكذلك مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة والدخل القومي لمصر، وقد كانت الأكثر تأثراً بالتوترات الإقليمية، فوفقاً لتصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نهاية العام الماضي، تراجعت إيرادات القناة بمقدار 7 مليارات دولار في عام 2024، ما يمثل انخفاضاً تجاوز 60% مقارنة بعام 2023، كما أكد صندوق النقد الدولي أن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر كانت وراء خسارة مصر 70% من إيرادات القناة.
وتعد القناة ممراً رئيسياً لنحو 15% من حركة التجارة البحرية العالمية، مما يجعل استقرار الأوضاع في البحر الأحمر عاملاً حاسماً لانتعاش الاقتصاد المصري، وتسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على تفضيل السفن طريق رأس الرجاء الصالح عن المرور بقناة السويس وتعريض أنفسهم للخطر، رغم أن طريق رأس الرجاء الصالح أطول بكثير.
وبدخول الهجنة حيز التنفيذ، ستساهم عودة حركة التجارة عبر القناة إلى طبيعتها بشكل كبير في دعم استقرار العملة المحلية وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن إيرادات القناة انخفضت بنسبة 61.2% بين يوليو وسبتمبر من العام الماضي، لتصل إلى 931.2 مليون دولار مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة ذاتها من عام 2023.
آمال مرتبطة بصمود الاتفاق
رغم التفاؤل الحذر، يبقى نجاح هذه التغيرات مرهوناً بمدى صمود اتفاق وقف إطلاق النار وإتمام كافة مراحله، حيث حذر زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، من أن أي تصعيد إسرائيلي أو استمرار للحصار على غزة قد يعيد التوترات إلى الواجهة، مما سيؤثر على استقرار المنطقة بشكل عام.
تأثير وقف إطلاق النار على السياحة والاستثمارات في مصر
وإلى جانب قناة السويس، من المتوقع أن تشهد السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة تحسناً ملحوظاً في ظل تهدئة الأوضاع الإقليمية، حيث يرى الخبراء أن الاستقرار الإقليمي يعزز ثقة المستثمرين ويشجعهم على ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد المصري، ما ينعكس إيجاباً على النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية.
على الرغم من الإشارات الإيجابية، لا يزال الاقتصاد المصري يواجه تحديات، فقد أظهرت بيانات البنك المركزي أن عجز ميزان المعاملات الجارية ارتفع إلى 5.9 مليارات دولار في الفترة الأخيرة، مقارنة بـ2.8 مليار دولار قبل عام.
لكن هناك بعض النقاط المضيئة، مثل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 8.3 مليارات دولار في نفس الفترة، مما ساهم في تخفيف تأثير تراجع إيرادات قناة السويس.
ويرى المراقبون أن استمرار الاستقرار في منطقة البحر الأحمر وقطاع غزة سيكون المفتاح الرئيسي لتحقيق الانتعاش الاقتصادي في مصر، وعودة قناة السويس إلى تحقيق عائدات مرتفعة وجذب الاستثمارات الأجنبية سيساعدان على دعم الاقتصاد المصري واستعادة عافيته في ظل الظروف الحالية، ومع التقدم الحذر نحو تحقيق السلام الإقليمي، تبقى الأنظار متجهة إلى تأثيرات الاتفاق على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر والمنطقة بأسرها.
اقرأ أيضًا:
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. بين التفاؤل وأزمة الثقة وحسابات الربح والخسارة
