في خطوة جادة نحو إحياء قلب القاهرة التاريخي، بدأت أعمال تطوير شاملة بمنطقة السيدة عائشة، أحد أبرز المعالم التراثية والدينية، في إطار مشروع تنموي طموح يهدف إلى إعادة المنطقة لمكانتها الثقافية والدينية، وجعلها مركز جذب سياحي وروحي متكامل.
المشروع الذي يجري تنفيذه بالتعاون بين محافظة القاهرة، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، استهل أولى مراحله بتفكيك كوبري السيدة عائشة، الذي ظل لعقود جزءًا من المشهد العمراني، لكنه في المقابل شكّل عائقًا أمام تطوير النسيج البصري والحضري للمنطقة.
إعادة تخطيط منطقة السيدة عائشة.. ومسار سياحي نابض بالتاريخ
فتح إزالة الكوبري المجال لإعادة تخطيط المنطقة بصريًا وعمرانيًا، بما يليق بقيمتها التاريخية والدينية، خصوصًا في محيط مسجد السيدة عائشة، الذي يعد أحد أقدم وأهم المزارات المرتبطة بآل البيت في مصر.
ويتضمن المشروع إنشاء ممشى سياحي يبدأ من مسجد السيدة عائشة مرورًا بـقلعة صلاح الدين الأيوبي ومسجد السلطان حسن، في خط يربط بين أبرز معالم القاهرة الإسلامية، ويعزز من مكانة المنطقة كوجهة للسياحة الثقافية والروحية سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
تحسين البيئة العمرانية.. وإبراز الجمال المعماري
المشروع لا يقتصر على إعادة الرصف أو التخطيط فقط، بل يشمل تطوير البنية التحتية، وتحسين شبكات المرافق، وتوحيد واجهات المباني المحيطة، إلى جانب إنشاء ساحات مفتوحة ومساحات خضراء تضيف بعدًا جماليًا وإنسانيًا للمنطقة.
كما سيتم تطبيق نظام إضاءة معمارية حديثة لإبراز المعالم الأثرية ليلاً، بما يعيد إليها بريقها ويزيد من جاذبيتها أمام الزوار والمقيمين.
محاور التطوير.. حيث يلتقي التاريخ بالعمران
يشمل المشروع عدداً من المواقع الأثرية المهمة، أبرزها:
ساحة مسجد السيدة عائشة:
يُعد مسجد السيدة عائشة من أهم المزارات الدينية في مصر، ويُشكل نقطة التقاء لعشّاق آل البيت. يقع المسجد في حي الخليفة، بالقرب من ميدان القلعة، ويُحيط به عدد من المساجد الأثرية المرتبطة بآل النبي مثل: مسجد الإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، وغيرها.
المنطقة المحيطة بقلعة صلاح الدين:
تمثل قلعة صلاح الدين الأيوبي واحدة من أبرز قلاع العصور الوسطى، ويعود تاريخ بنائها إلى عام 1176م. اتخذها سلاطين مصر مقرًا للحكم حتى عهد الخديوي إسماعيل. تضم القلعة مجموعة من المعالم التاريخية من بينها جامع محمد علي وجامع الناصر محمد، بالإضافة إلى عدد من المتاحف مثل المتحف الحربي ومتحف قصر الجوهرة.
مسجد السلطان حسن:
واحد من روائع العمارة الإسلامية في العالم، شيّده السلطان الناصر حسن في القرن الرابع عشر الميلادي، ويجمع بين الوظائف الدينية والتعليمية، إذ يضم مسجدًا ومدرسة للمذاهب الأربعة. يقع في ميدان الرميلة، بجوار مسجد الرفاعي وعدد من المعالم الإسلامية الفريدة.
تحول جذري ينتظر منطقة السيدة عائشة
بهذا المشروع، تتحول منطقة السيدة عائشة من مجرد معبر مروري إلى قلب نابض بالحياة، يستعيد مجده الغابر كمزار روحي ومعماري، ووجهة سياحية متكاملة، ما يعكس التوجه الحكومي الواضح لإحياء التراث المصري والارتقاء بجودة الحياة في المناطق التاريخية.
