مراحل التصعيد بين الهند وباكستان.. في منطقة مشحونة بالصراعات التاريخية والتحفّز النووي، عاد شبح الحرب ليخيّم من جديد على جنوب آسيا، بعد أن شهدت العلاقات بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، تصعيداً غير مسبوق في وتيرته وحدته، عقب هجوم دموي استهدف سُيّاحاً في الجزء الخاضع للهند من إقليم كشمير في أبريل 2025.
الحدث أعاد إلى الأذهان مآسي الصدامات السابقة، لكنه هذه المرة حمل في طيّاته تحولات أكثر خطورة، دفعت المجتمع الدولي إلى التحرك السريع لتفادي انفجار إقليمي مدمّر.
مراحل التصعيد بين الهند وباكستان

ورغم أن تاريخ النزاع بين نيودلهي وإسلام آباد ممتد منذ استقلالهما عام 1947، فإن وتيرة التصعيد الأخير وخروجه عن الأطر التقليدية للدبلوماسية، عبر قطع العلاقات وإغلاق الأجواء وتبادل القصف الجوي، شكّل تحوّلاً نوعياً في مستوى العداء بين الطرفين.
الصراع لم يبقَ في حدود كشمير، بل امتد إلى تهديدات مباشرة للبنية التحتية والمرافق الحيوية، وسط تبادل اتهامات بشن هجمات وإيواء جماعات مسلحة.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، برز الدور الأميركي بشكل فاعل، حين تمكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونائب الرئيس جي دي فانس من التوسط بين الطرفين، ما أسفر عن اتفاق مفاجئ لوقف شامل لإطلاق النار في 10 مايو، أنهى أسبوعين من المواجهات الدامية والخطابات التصعيدية.
إلا أن الاتفاق لم يأتِ من فراغ، بل سبقه مسار متصاعد من الأحداث، تعرّض خلاله كلا الطرفين لخسائر فادحة بشرياً واقتصادياً، وهو ما نسلط عليه الضوء في هذا التقرير الزمني المفصل.
تسلسل الأحداث: من الهجوم إلى وقف النار
22 أبريل 2025 – هجوم باهالجام: بداية التصعيد
وقع الهجوم الدموي على منتجع “باهالجام” في كشمير الهندية، وأسفر عن مقتل 26 سائحاً. جماعة تُدعى “مقاومة كشمير”، التي تتهمها الهند بتلقي دعم باكستاني، تبنت الهجوم. شهود عيان أكدوا أن المسلحين استهدفوا المدنيين بناءً على هويتهم الدينية.
23 أبريل – الرد الهندي الأول
الهند خفّضت العلاقات الدبلوماسية مع باكستان، أغلقت المعبر البري الوحيد، وعلّقت اتفاق تقاسم المياه. كما بدأت عمليات أمنية موسعة في كشمير.
24 أبريل – إجراءات متبادلة
ألغى الطرفان التأشيرات، وأغلقت باكستان مجالها الجوي أمام الشركات الهندية، وتم تعليق التبادل التجاري والبريدي، في تصعيد غير مسبوق منذ 2019.
25 أبريل – اشتباكات على خط السيطرة
تبادل لإطلاق النار بين الجيشين على خط السيطرة في كشمير. الأمم المتحدة دعت لضبط النفس، وسط تصاعد القلق الدولي.
26 أبريل – تهديدات بالمياه وتدخلات خارجية
رئيس وزراء باكستان شهباز شريف هدّد بالرد على أي محاولات هندية لقطع المياه. إيران عرضت الوساطة، فيما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ضبط النفس.
30 أبريل – تصاعد القصف وتحذيرات استخباراتية
أغلقت الهند منتجعات كشمير، وتواصل القصف عبر خط السيطرة. باكستان أعلنت وجود “معلومات استخباراتية” حول نية الهند شن هجوم واسع خلال ساعات.
1 مايو – محادثات أميركية ومحاولات للتهدئة
وزير الخارجية الأميركي اتصل بالجانبين وأكد دعم واشنطن للحوار. الولايات المتحدة دعت لضبط النفس وتعاون مشترك لمكافحة الإرهاب.
3 مايو – تجارب صاروخية وتوتر متصاعد
أجرت باكستان تجربة صاروخ باليستي. الهند ردّت بتعليق البريد، ومنع دخول السفن الباكستانية لموانئها، في ظل تصاعد التصعيد الاقتصادي.
7 مايو – قصف صاروخي هندي
الهند شنت ضربات صاروخية أسفرت عن مقتل 31 شخصاً في باكستان، بينهم أطفال ونساء. إسلام آباد وصفت الضربة بـ”العدوان الحربي”، وأعلنت إسقاط طائرات هندية.
8 مايو – هجمات بالطائرات المسيّرة
الهند استخدمت طائرات مُسيّرة لقصف مواقع داخل باكستان، وتبادل الطرفان الاتهامات. أُعلنت حالات إخلاء في المناطق الحدودية، وأُغلقت مدارس ومطارات.
9 مايو – تجميد الأنشطة الرياضية والتعليمية
الهند علّقت بطولة الكريكت المحلية، وباكستان أرجأت بطولتها T20. الولايات المتحدة اعتبرت الحرب “ليست شأنها”، فيما رصد الجيش الهندي مسيّرات عبر ولايات حدودية.
10 مايو – الضربة الجوية الكبرى ووساطة أميركية
الهند قصفت ثلاث قواعد جوية داخل باكستان، شملت “نور خان” و”مريد” و”رفيقي”. ردّت باكستان بضربات انتقامية، لكن سرعان ما تدخلت واشنطن، ونجحت في فرض اتفاق وقف نار شامل، أُعلن لاحقاً في بيان مشترك من الطرفين.
خسائر التصعيد: بشرية واقتصادية واستراتيجية
▪ بشرية: قُتل ما لا يقل عن 57 شخصاً، وأصيب العشرات من المدنيين والعسكريين، في كشمير والمناطق الحدودية.
▪ اقتصادية: تضررت التجارة الثنائية بالكامل، مع خسائر تقديرية بمئات الملايين من الدولارات في قطاع النقل، السياحة، والتبادل الزراعي.
▪ استراتيجية: تأثر الاستقرار الإقليمي، وأُعيد النظر في اتفاقيات تاريخية كاتفاق تقاسم المياه، وخط السيطرة، وسط مخاوف من انهيار التفاهمات السابقة.
تحذيرات ومخاوف دولية
دعت مجموعة الدول السبع (G7) إلى ضبط النفس، وحذرت من أن التصعيد قد يُهدد الاستقرار في جنوب آسيا. الأمم المتحدة أكدت دعمها للحل السياسي، فيما تترقّب العواصم الكبرى نتائج أي محادثات سلام مرتقبة.