وسط أجواء تفاؤلية حذرة، كشف صندوق النقد الدولي عن توقعات إيجابية لأداء الاقتصاد المصري خلال العامين المقبلين، مدفوعًا بتعافي معدل النمو وتراجع التضخم، لكنه في الوقت نفسه نبه إلى استمرار تحديات هيكلية بارزة قد تُبطئ وتيرة التحسن.
في إطار اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي لعام 2025، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرًا جديدًا يكشف عن توقعات إيجابية بشأن مستقبل الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى بوادر تعافٍ تدريجي خلال العامين الجاري والمقبل، رغم استمرار تحديات هيكلية تقف حجر عثرة أمام تسارع النمو الاقتصادي.

مستهدفات الحكومة للاقتصاد المصري في 2025
ووفقًا لتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي لعام 2025، من المنتظر أن يشهد الاقتصاد المصري انتعاشة تدريجية، حيث يُتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2.4% في 2024 إلى 3.8% في 2025، على أن يبلغ 4.3% في 2026، متجاوزًا التقديرات السابقة التي بلغت 3.6% و4.1% على التوالي.
وتأتي هذه التوقعات متقاربة مع مستهدفات الحكومة المصرية التي تأمل في تحقيق نمو بنسبة 4% خلال العام المالي الحالي، و4.5% في العام المالي المقبل، مدعومة بانتعاش قطاع السياحة، وزيادة الاستثمارات، وتحسن الاستهلاك المحلي، إلى جانب نمو متوقع في إيرادات قناة السويس.
وفي هذا الإطار، تستهدف الحكومة تحصيل 6.3 مليار دولار من إيرادات قناة السويس في موازنة العام المالي 2025-2026، مقارنة بـ3.9 مليار دولار متوقعة للعام المالي الجاري، ما يعكس طموحات لتعزيز الموارد السيادية.
توقعات معدلات التضخم
وفيما يخص التضخم، تشير تقديرات الصندوق إلى تراجع ملحوظ، إذ من المتوقع أن تنخفض معدلات التضخم من 33.4% في 2024 إلى 19.7% في 2025، لتصل إلى 12.5% بحلول عام 2026، في ظل تحسن مرتقب في بيئة الاقتصاد الكلي وانحسار الضغوط السعرية.
لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال بعض التحديات تؤرق المشهد الاقتصادي، وفي مقدمتها عجز الحساب الجاري، والذي يُتوقع أن يسجل -5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مع تحسن طفيف إلى -5.2% في 2025 و-5.1% في 2026، ما يعكس استمرار الضغوط على الاحتياطيات الأجنبية، والاعتماد المتزايد على التمويل الخارجي.
تراجع معدلات البطالة
كما أشار الصندوق إلى أن معدلات البطالة ستظل مرتفعة نسبيًا، حيث يُنتظر أن تبلغ 7.4% هذا العام، وترتفع إلى 7.7% خلال عامي 2025 و2026، مما يشير إلى أن تحسن النمو لم ينعكس بعد بشكل كافٍ على سوق العمل.
وبينما تفتح هذه التوقعات الباب أمام مزيد من التفاؤل بشأن المسار الاقتصادي، يبقى الرهان الأكبر على قدرة الحكومة في تفعيل إصلاحات هيكلية عميقة تعزز الاستدامة الاقتصادية وتخلق فرص عمل حقيقية.
في المجمل، يُبرز تقرير صندوق النقد الدولي صورة مزدوجة للاقتصاد المصري، تجمع بين آفاق التحسن وفرص التعافي من جهة، واستمرار التحديات البنيوية من جهة أخرى، ما يتطلب سياسات اقتصادية حذرة وإصلاحات هيكلية جريئة لضمان استدامة النمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.