كشفت أبحاث علم النفس الحديثة أن السعادة ليست مجرد شعور عابر، بل مهارة يمكن تعزيزها من خلال التدريب المنتظم، على غرار اللياقة البدنية. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة Times of India، فإن السلوكيات والأفكار والبيئة المحيطة تلعب دورًا محوريًا في إعادة برمجة الدماغ نحو مزيد من السعادة والرفاهية.
1. الامتنان: بوابة الشعور بالوفرة
يُعد الامتنان من أقوى أدوات تعزيز الصحة النفسية، حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يدوّنون يوميًا ثلاثة أشياء يشعرون بالامتنان تجاهها، يحققون مستويات أعلى من السعادة وأقل من الاكتئاب. التركيز على النِعم، حتى الصغيرة منها، يحوّل العقل من الشعور بالندرة إلى الإحساس بالوفرة.
2. إعادة صياغة الأفكار السلبية: كسر التحيز السلبي
يميل الدماغ البشري طبيعيًا إلى التركيز على التهديدات فيما يُعرف بـ”التحيز السلبي”، لكن يمكن تجاوز هذا النمط عبر إعادة صياغة الأفكار. ويوصي العلاج السلوكي المعرفي (CBT) بتحدي التفسيرات السلبية واستبدالها بأخرى متوازنة. مثلًا، يمكن رؤية الفشل كفرصة للتعلّم، مما يخفف من القلق ويعزز الثقة بالنفس.
3. الطبيعة: دواء مجاني للتوتر
قضاء وقت يومي في الطبيعة يُعد من أسهل الطرق لتحسين الحالة النفسية. فقد تبين أن التواجد في بيئة طبيعية لمدة 20 دقيقة فقط يوميًا يخفض من مستوى الكورتيزول (هرمون التوتر)، ويحسن المزاج والانتباه. سواءً عبر المشي في حديقة أو الجلوس تحت شجرة، فإن الطبيعة تُعيد الشخص إلى اللحظة الراهنة وتُهدئ الأعصاب.
4. العلاقات الاجتماعية: مفتاح السعادة الطويلة
الروابط الاجتماعية القوية ترتبط بشكل مباشر بالصحة النفسية الجيدة. فقد وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات هادفة أقل عرضة للاكتئاب وأكثر شعورًا بالرضا. الاهتمام بالأصدقاء والعائلة، وقضاء وقت معهم، وممارسة اللطف يعزّز إنتاج هرمونات السعادة مثل الأوكسيتوسين والسيروتونين.
5. اليقظة الذهنية: الحضور الواعي للحظة
ممارسة اليقظة الذهنية تُساعد على تهدئة النشاط في مركز التوتر بالدماغ (اللوزة الدماغية)، وتعزز مناطق السعادة والوعي الذاتي. ويمكن تحقيقها من خلال التأمل، أو التنفس العميق، أو حتى الوعي الكامل أثناء أداء المهام اليومية. بمرور الوقت، يصبح الشخص أكثر استقرارًا وأقل انفعالًا، وأكثر تقديرًا لتفاصيل الحياة البسيطة.
علم النفس يؤكد: السعادة مهارة قابلة للتدريب
تشير هذه التوصيات إلى أن السعادة ليست نتيجة حتمية للظروف، بل يمكن تعزيزها بالتدريب على الامتنان، التفكير الإيجابي، التواصل الاجتماعي، التفاعل مع الطبيعة، واليقظة الذهنية. وهي خطوات بسيطة لكنها فعّالة لبناء رفاه نفسي مستدام.