تشهد الساحة السودانية تصعيدًا عسكريًا متسارعًا، حيث يخوض الجيش السوداني معارك شرسة ضد ميليشيا الدعم السريع في عدة محاور، لا سيما في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة. وتواصل القوات المسلحة تحقيق تقدم ميداني ملموس، معززة سيطرتها على مناطق استراتيجية.
الجيش السوداني يستعيد السيطرة على أبو قوتة
أعلن الجيش السوداني، الجمعة، استعادة السيطرة الكاملة على مدينة أبو قوتة، الواقعة شمال غربي ولاية الجزيرة، بعد أن كانت خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع منذ ديسمبر 2023. وتمثل هذه المنطقة نقطة استراتيجية تبعد نحو 65 كيلومترًا عن جبل الأولياء و40 كيلومترًا عن القطينة بولاية النيل الأبيض، وكلاهما مناطق نفوذ للدعم السريع. وأكد العميد نبيل عبد الله، المتحدث باسم الجيش السوداني، أن “القوات المسلحة أكملت تطهير منطقة أبو قوتة ومناطق شرق النيل وكافوري من فلول ميليشيا آل دقلو الإرهابية”.

توسيع رقعة العمليات العسكرية في الخرطوم
في إطار عملية عسكرية شاملة تهدف إلى تطويق الدعم السريع داخل العاصمة الخرطوم، يخوض الجيش السوداني معارك عنيفة على تخوم المدينة وفي أحيائها الداخلية. فقد سيطرت القوات المسلحة على منطقة مصنع لوحات وعلامات المرور بشارع الغابة، وشمال سك العملة، وهي مناطق حيوية تؤدي إلى وسط الخرطوم.
كما كشف الجيش عن تقدمه في المنطقة الصناعية بالكامل، وتعهد ضباطه بالتقدم نحو الكتيبة الاستراتيجية، التي كانت سابقًا موقعًا عسكريًا للقوات المسلحة قبل أن تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع. وأكد الجيش عزمه استعادة السيطرة على السوق العربي، حيث يقع القصر الجمهوري وعدد من المؤسسات الحكومية.
اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع
تشهد جبهات شرق الخرطوم تصعيدًا ملحوظًا، حيث خاضت القوات المسلحة معارك ضارية في محلية شرق النيل وحي كافوري، آخر معاقل الدعم السريع في الخرطوم بحري. واستخدم الجيش الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة في استهداف مواقع الميليشيا.
وفي جنوب الخرطوم، أعلن الجيش تقدمه باتجاه مدينة جياد الصناعية، بعد استعادة بلدة المسعودية، مؤكدًا سعيه لفرض سيطرة كاملة على المنطقة وصولًا إلى سوبا وغلق جسرها الاستراتيجي.
الدعم السريع يكثف هجماته بالطائرات المسيرة
في المقابل، صعّدت قوات الدعم السريع هجماتها الجوية باستخدام الطائرات المسيّرة، حيث استهدفت محطات كهربائية رئيسية، من بينها محطة سد مروي ومحطات تحويلية في ولايات النيل الأبيض والقضارف. وفي الولاية الشمالية، أسقط الجيش سبع طائرات مسيرة حاولت استهداف محلية الدبة، دون وقوع خسائر بشرية أو مادية، وفقًا لمسؤولين محليين.
اشتباكات دامية في دارفور
وفي إقليم دارفور، تتواصل محاولات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم. وشنت الميليشيا، الجمعة، هجومًا عنيفًا على بلدة سلومة القريبة من مخيم زمزم للنازحين، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. وأفادت مصادر محلية بأن القوات المسلحة والقوة المشتركة المتحالفة معها تمكنت من صد الهجوم.
وأكدت الفرقة السادسة مشاة تصديها لهجوم نفذته قوات الدعم السريع على قرية سلومة، حيث دمرت القوات الحكومية مركبتين عسكريتين واستولت على ثلاث أخرى بحالة جيدة، فيما قُتل 13 عنصرًا من الميليشيا، ولاذ الباقون بالفرار.
فرار وانشقاقات في صفوف الدعم السريع
وسط تزايد انتصارات الجيش في الخرطوم وولايات الجزيرة والنيل الأبيض، أفادت تقارير محلية بظهور تحركات لعناصر من الدعم السريع في بعض القرى يعرضون أسلحتهم للبيع بأسعار زهيدة قبل مغادرة المنطقة. كما سجلت حالات استسلام لعناصر من الدعم السريع، حيث سلّم خمسة منهم أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوداني في ولاية شمال دارفور.
مع احتدام المعارك في مختلف الجبهات، يبقى المشهد العسكري في السودان مفتوحًا على كافة الاحتمالات، في ظل استمرار الجيش في تحقيق مكاسب ميدانية، ومساعي الدعم السريع للحفاظ على مواقع نفوذه في العاصمة وأقاليم البلاد.