ماكرون في القاهرة في خضمّ أعنف فصول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي منذ عقود، يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، محمّلًا بمبادرة دبلوماسية جديدة تأمل باريس أن تسهم في كسر الجمود السياسي ووقف نزيف الدم في قطاع غزة.
الرئيس الفرنسي ماكرون في القاهرة
زيارة ماكرون، التي كانت مقررة ضمن جدول دبلوماسي روتيني، تحوّلت إلى قمة ثلاثية محورية، تجمعه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في لحظة دقيقة سياسيًا وإنسانيًا، تتجاوز طابع اللقاءات التقليدية إلى محاولة جادة لرسم ملامح تحرك أوروبي فاعل في أزمة مستعصية.

يبدأ الرئيس الفرنسي زيارته مساء الأحد، على أن يعقد صباح الإثنين اجتماعًا رسميًا مع الرئيس المصري في قصر الاتحادية، تتبعه القمة الثلاثية التي أعلن عنها بنفسه عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، قائلاً:
“استجابة لحالة الطوارئ في غزة، سنعقد قمة ثلاثية مع الرئيس السيسي والعاهل الأردني خلال زيارتي إلى مصر.”
وتشمل الزيارة محطة لافتة في مدينة العريش، القريبة من حدود غزة، حيث يلتقي ماكرون ممثلين عن منظمات إنسانية وأمنية، في محاولة لإظهار انخراط فرنسا العملي في جهود التهدئة وتوصيل المساعدات، وسط وضع إنساني يقترب من الانهيار.
الرئاسة المصرية: قمة لبحث المأساة والفرص
وفي بيان رسمي صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، جرى التأكيد على أن القمة ستتناول العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، إلى جانب التطورات المتسارعة في غزة، خاصة في ظل الجهود المصرية المتواصلة لوقف إطلاق النار وتسهيل إدخال المساعدات.
وشدد البيان على توافق مصري-فرنسي بشأن “ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، واستعادة التهدئة”، إلى جانب التأكيد مجددًا على “حل الدولتين كضمان للسلام الدائم في المنطقة”.
غزة تحت النار.. وقمة ثلاثية في عين العاصفة
تنعقد القمة الثلاثية بينما تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة منذ استئنافها في 18 مارس، بعد فترة هدوء هشّ لم تلبث أن انهارت. ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، إثر الهجوم غير المسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل، يعيش القطاع تحت حصار خانق وظروف إنسانية متدهورة
وفي تطور دراماتيكي جديد، بثّ الجناح العسكري لحماس مقطع فيديو يظهر رهينتين إسرائيليتين قال إنهما نجتا من قصف إسرائيلي، ما اعتُبر رسالة ضمنية لضعف قدرة الحكومة الإسرائيلية على حماية المحتجزين خلال العمليات العسكرية.
في المقابل، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأكيده أن “التصعيد هو الوسيلة الوحيدة لتحرير الرهائن”، في موقف يتناقض مع توجهات عائلاتهم التي تدعو لتفاوض مباشر وتبادل أسرى.
دور أوروبي في ظل تراجع الوساطة الأمريكية؟
وبينما تتراجع ثقة الأطراف في الوسيط الأمريكي، تحاول فرنسا إعادة ترتيب الأوراق عبر دبلوماسية حذرة، تأمل في إحياء الدور الأوروبي في ملف تضاءلت فيه فرص الحل، لكنه لا يزال مفتوحًا على المبادرة.
ماكرون، الذي يرى أن أمن الشرق الأوسط ضرورة استراتيجية لأمن أوروبا، يخطو في القاهرة خطوة جديدة على طريق طويل، حيث يتقاطع السياسي بالإنساني، وتُختبر الإرادات في واحدة من أعقد أزمات القرن.