مشاهد عيد الفطر في غزة تعيد إلى الأذهان تاريخًا من الصمود، اصطفَّ آلاف المصلين من عرب 48 صباح اليوم على شاطئ العجمي في يافا، مؤدين صلاة عيد الفطر بين أمواج البحر المتوسط وصدى التكبيرات، في رسالة واضحة: “هويتنا لا تُغيّبها الجغرافيا السياسية”.
عيد الفطر في غزة بين الفرح والجراح
لم تكن يافا وحدها محط الأنظار، ففي اللد، امتلأت ساحة المسجد العمري بالمصلين الذين استمعوا إلى خطبة العيد التي حملت دعوة صريحة للتسامح والتكافل، بينما تهادت أصوات الأطفال فرحًا بالهدايا والحلوى، وكأنها محاولة لرسم البسمة رغم واقع مرير.
أما في شفاعمرو، فحوّلت البلدية العيد إلى منصة ترفيهية عبر برنامج “هنينا.. والعيدية علينا”، حيث تنافس الأهالي في مسابقات بُثّت مباشرة على “فيسبوك” للفوز بجوائز، في خطوة تهدف إلى كسر حاجز المعاناة اليومية.
الكنيست وغزة.. صرخات بين التهاني
لم تكن الاحتفالات لتخفي صوت القضية، فقد أطلق حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الكنيست بيانًا حادًا جاء فيه: “لا عيد حقيقيًا تحت الاحتلال”، مُذكّرًا بالوضع الكارثي في غزة، حيث تُنتهك أبسط حقوق الإنسان منذ أشهر.
وفي أم الفحم، ارتفعت التكبيرات في مساجد المدينة وسط دعوات جماعية بالحرية والعودة، بينما وجّه نادي هبوعيل أم الفحم الرياضي رسالة تضامن مع أهالي غزة، مؤكدًا أن “الرياضة لا تُنسينا القضية”.
خطب العيد: “الفرحة الكاملة تنتظر زوال الاحتلال”
اختتم الأئمة في مدن عربية مختلفة خطبهم بتأكيد أن “عيد الفطر لن يكتمل إلا بتحرير الأرض والإنسان”، داعين إلى وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات. وكأن المشهد العام يقول: هنا يُولد الفرح من رحم المعاناة، وهنا يُذكّر العيد بأن النضال مستمر حتى الفجر الجديد.
أطفال غزة يروضون الدمار بالفرح.. عيد الفطر ينبض بالأمل بين الأنقاض
وسط ركام المنازل المدمرة وأجواء الحرب القاسية، نجح أطفال غزة في كتابة فصل جديد من فصول الصمود. رغم القصف والحرمان، ارتدوا ملابس العيد – بعضها بالٍ، بعضها مستعمل – وملأوا الشوارع المحطمة بضحكاتهم وألعابهم البسيطة، مؤكدين أن الفرح سلاحهم الأقوى في مواجهة الموت.
في ساحات نادرة نجت من القصف، تجمع عشرات الأطفال لأداء صلاة العيد، بينما تحولت الشوارع الضيقة المليئة بالخراب إلى منصات للاحتفال. بالونات ملونة، كرات مطاطية، وأغنيات شعبية كانت أدواتهم لرسم البهجة. “هذا العيد مختلف، لكننا تعلمنا أن نصنع الفرح من لا شيء”، تقول الطفلة مريم (10 سنوات) بينما تلوح ببالون أحمر فوق ركام منزلها.
رغم انعدام الكهرباء وشح المواد الغذائية، نجحت بعض الأسر في إعداد موائد عيد بسيطة. “حتى لو كان الطعام قليلاً، نريد أن يشعر أطفالنا بأن العيد جاء”، يقول أبو يوسف وهو يوزع قطع حلوى محلية الصنع على جيرانه في حي الشجاعية.

دور المنظمات.. شمعة في الظلام
ساهمت منظمات إنسانية في تخفيف المعاناة بتوزيع ملابس العيد، الألعاب، والوجبات الساخنة. “هدفنا أن لا يشعر الأطفال أن الحرب سرقت طفولتهم”، يوضح ممثل عن منظمة “اليد الخضراء” أثناء توزيع الحقائب الغذائية.
الدمار قد يحجب الشمس، لكنه لا يقتل الأمل. أطفال غزة، برقصهم فوق الأنقاض وضحكاتهم التي تقطع صمت القصف، يرسلون رسالة للعالم: “الحياة تستحق أن تُحتَفَل بها، حتى في أحلك اللحظات”.