استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الإثنين، السلطان الدكتور مفضل سيف الدين، زعيم طائفة البهرة في الهند، في لقاء يعكس عمق العلاقة الممتدة بين مصر والطائفة الشيعية ذات الجذور الفاطمية. ورافق السلطان في زيارته أنجاله الأمير جعفر الصادق عماد الدين، الأمير طه نجم الدين، والأمير حسين برهان الدين، بالإضافة إلى ممثله في القاهرة، مفضل محمد.

من هم طائفة البهرة؟
“البهرة” كلمة ذات أصل هندي تعني “التاجر”، وهي تسمية ارتبطت بطائفة شيعية إسماعيلية آمنت بإمامة أحمد المستعلي الفاطمي بعد وفاة والده الخليفة المستنصر بالله عام 1094، في مقابل رفضهم لإمامة شقيقه نزار، ما شكّل انقسامًا أساسيًا في الطائفة الإسماعيلية.
وتنقسم الطائفة إلى عدة فرق، أبرزها “البهرة الداوودية”، نسبة إلى الداعية داود برهان الدين، ويتمركز أتباعها اليوم في الهند وباكستان، مع حضور فاعل في أكثر من 40 دولة، من بينها مصر، اليمن، والإمارات. ويُقدّر عدد أفراد الطائفة في مصر بنحو 15 ألفًا، وفق دراسات ميدانية.
جذورهم في مصر.. وترميم التراث الفاطمي
بدأ تواجد البهرة في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث استقروا في قلب القاهرة الفاطمية. وسرعان ما لعبوا دورًا بارزًا في ترميم المعالم الإسلامية، وكان أبرزها مشروع ترميم مسجد الحاكم بأمر الله، الذي جرى افتتاحه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بحضور شخصي منه.
ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسم البهرة بإحياء مقامات آل البيت، وعلى رأسها أضرحة السيدة زينب، والسيدة نفيسة، والإمام الحسين، إضافة إلى ترميم مساجد أثرية مثل الأقمر والسيدة رقية، ما جعل الطائفة من أبرز الجهات غير الرسمية المهتمة بالحفاظ على التراث الإسلامي في مصر.
معتقدات خاصة وتقويم فاطمي
تعتمد طائفة البهرة على تقويم هجري قمري خاص، تم تطويره خلال الحقبة الفاطمية، ويقوم على الحسابات الفلكية، ما يجعله يختلف في بعض المناسبات عن التقويم الإسلامي التقليدي بيوم أو يومين. ويحتفل أتباع الطائفة بعيدَي الفطر والأضحى، إلى جانب مناسبات دينية خاصة مثل المولد النبوي، ويوم “غدير خم”، وعاشوراء.
من هو سلطان البهرة؟
السلطان الدكتور مفضل سيف الدين، هو الزعيم الثالث والخمسون للطائفة، وُلد في مدينة سورات بالهند في 20 أغسطس 1946. نشأ في كنف والده السلطان الراحل محمد برهان الدين، الذي عيّنه خليفة له عام 2011 قبل وفاته بسنتين.
وللسلطان مفضل سيف الدين خمسة أبناء، من بينهم ثلاثة ذكور: جعفر الصادق، طه، وحسين. وقد حصل على عدد من الجوائز والتكريمات الدولية، منها الدكتوراه الفخرية من جامعة كراتشي عام 2015، وجائزة السلام العالمية في الهند، تقديرًا لجهوده في العمل الخيري وتمكين المرأة ودعم العدالة الاجتماعية.
طائفة البهرة وعلاقة خاصة مع مصر
تتمتع طائفة البهرة بعلاقة وثيقة مع مصر، وهي علاقة تقوم على الاحترام المتبادل والحب العميق لآل البيت، الذين يحتلّون مكانة كبيرة في وجدان المصريين. ويولي الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامًا خاصًا بسلطان البهرة، ويعتبره ضيفًا عزيزًا، تقديرًا لإسهامات الطائفة في إحياء التراث الإسلامي المصري.
وقد أعرب سلطان البهرة عن تقديره العميق لحفاوة الاستقبال في مصر، مشيدًا بدورها القيادي في تعزيز الأمن والسلام الإقليمي. كما ساهمت الطائفة في دعم “صندوق تحيا مصر”، في إطار إيمانها العميق بالشراكة الإنسانية والاجتماعية.