تستعد مصر خلال الشهر الجاري لسداد دفعة جديدة من التزاماتها المالية لـ صندوق النقد الدولي، وذلك في وقت تترقب فيه موعد صرف الشريحة الرابعة من القرض البالغ 8 مليارات دولار. وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام الحكومة المصرية ببرنامجها الاقتصادي المتفق عليه مع المؤسسة الدولية.
مدفوعات مرتقبة لـ صندوق النقد
بحسب بيانات موقع صندوق النقد الدولي، من المقرر أن تسدد مصر أقساطًا وفوائد بقيمة 616.3 مليون دولار خلال مارس، موزعة على دفعتين: الأولى بقيمة 189.63 مليون دولار في 20 مارس، والثانية 426.7 مليون دولار في 27 مارس. وتأتي هذه المدفوعات بعد أن سددت مصر قرابة 488.5 مليون دولار خلال فبراير الماضي.

مناقشات حاسمة في مجلس الصندوق
من المنتظر أن يجتمع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 10 مارس لمناقشة تقرير المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وهي خطوة تمهيدية لصرف الشريحة الرابعة التي تعد الأكبر حتى الآن، إذ تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار. كما سيناقش الاجتماع تعديل بعض مستهدفات البرنامج، إلى جانب بحث الإفراج عن حزمة تمويل الصلابة والاستدامة التي تتراوح قيمتها بين مليار و1.3 مليار دولار.
التزام دولي بدعم مصر
أكدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، في تصريحات لها خلال فبراير الماضي، التزام الصندوق بدعم مصر، مشيرة إلى أن المؤسسة الدولية تعمل على تأمين دعم إضافي للبلاد من خلال برنامج الصلابة والاستدامة. كما أوضحت أن الصندوق يتفهم تأثير انخفاض عائدات قناة السويس على الاقتصاد المصري، وهو ما دفع إلى إعادة تقييم مستهدفات البرنامج.
مصر تسعى لتخفيف عبء الديون
في ديسمبر الماضي، توصلت الحكومة المصرية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول المراجعة الرابعة لبرنامجها، ما سمح بإعادة النظر في بعض المستهدفات الاقتصادية لمنح مزيد من المرونة في تنفيذ الإصلاحات، مع التركيز على جهود الحماية الاجتماعية.
منذ أواخر 2022، حصلت مصر على نحو 1.99 مليار دولار من القرض، في حين سددت أكثر من 6 مليارات دولار خلال العام الماضي كأقساط وفوائد لصندوق النقد. ومع التزامها المالي المستمر، تراجعت مصر مركزًا واحدًا في قائمة الدول الأكثر اقتراضًا من الصندوق، لتحتل المرتبة الثالثة بديون تبلغ 8.2 مليار وحدة حقوق سحب خاصة.
التزامات مالية خلال العامين المقبلين
تواجه مصر التزامًا بسداد نحو 4.5 مليار دولار لصندوق النقد خلال 2024، بينما يُتوقع أن تحصل على تمويلات جديدة قد تتجاوز 3.5 مليار دولار. أما في 2025، فتُقدَّر التزاماتها للصندوق بنحو 2.7 مليار دولار، وهو مبلغ قد ينخفض في حال تعديل سياسة الرسوم الإضافية التي يفرضها الصندوق على الدول الأكثر استدانة، والمقرر تطبيقها اعتبارًا من نوفمبر 2024.
محطات بارزة في علاقة مصر بـ صندوق النقد
شهدت علاقة مصر بصندوق النقد عدة مراحل هامة بدأت في نوفمبر 2016 حين وافق المجلس التنفيذي للصندوق على اتفاق مدته ثلاث سنوات تحصل مصر بموجبه على 12 مليار دولار. وفي يوليو 2019، أتم الصندوق مراجعة برنامجه السابق مع مصر، والذي شهد إصلاحات اقتصادية جوهرية شملت تحرير سعر الصرف وإصلاح الدعم.
وفي ديسمبر 2022، وافق الصندوق على برنامج جديد لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، متضمنًا تطبيق نظام مرن لسعر الصرف وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. وخلال مارس 2024، تم الاتفاق على زيادة القرض إلى 8 مليارات دولار، رافقه قرار بتعويم العملة المحلية. كما شهد أكتوبر 2024 إعلان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن تأجيل مراجعة الصندوق الرابعة للقرض، التي كان من المفترض إنجازها في سبتمبر.
مستقبل البرنامج الاقتصادي المصري
مع استمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، تظل مصر ملتزمة بتعهداتها المالية للصندوق، في ظل تحديات اقتصادية متزايدة إقليمية ودولية. ويبقى نجاح البرنامج مرهونًا بقدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات الحماية الاجتماعية، مع استمرار الدعم الدولي لتمكين مصر من تجاوز الأزمات المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المستدام.