برز “بيت العائلة الإبراهيمية” في العاصمة الإماراتية، أبوظبي، كأيقونة عالمية للتسامح والتعايش الديني، مع تزايد الاهتمام الإعلامي بالصرح الذي يجمع تحت سقفه مسجدًا وكنيسًا وكنيسة، في مشهد يجسد وحدة الأديان الإبراهيمية الثلاث.
ترامب يوقع في سجل زوار “بيت العائلة الإبراهيمية”
وشهد الموقع زيارة لافتة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في ختام جولته الخليجية التي شملت الرياض والدوحة، قبل أن يختتمها في أبوظبي. وخلال زيارته، عبّر ترامب عن إعجابه بالمكان، ووقّع في سجل الزوار قائلاً: “وحدة عظيمة، إيمان عظيم، شعب رائع بقيادة قائد عظيم وصديق لي”.
وخلال الزيارة، وقع ترامب في سجل الزوار الخاص بالمجمع الديني والثقافي، والذي يمثل منصة للحوار والتفاهم بين الأديان، مشيدًا بدوره كرمز للتعايش والسلام.
وكتب ترامب في كلمته: “إن بيت العائلة الإبراهيمية يقف كشهادة مقدسة وقوية على الرؤية المشتركة بين أمريكا والإمارات للشرق الأوسط”. وأضاف: “أرى في هذا البيت الوعد لمستقبلنا، إذا اختارت البشرية التعاون بدلاً من الصراع، والصداقة بدلاً من العداوة، والازدهار بدلاً من الفقر، والأمل بدلاً من اليأس”.
وتعد الزيارة رسالة دعم من ترامب لمبادرات تعزيز التفاهم الديني والثقافي، وتأكيدًا على عمق الشراكة بين الولايات المتحدة والإمارات في مجالات متعددة، من ضمنها الحوار الحضاري والتنمية المستدامة.
صرح معماري بثلاث رسائل سماوية
افتُتح “بيت العائلة الإبراهيمية” عام 2023 على جزيرة السعديات، ليكون أحد أبرز المعالم الثقافية والدينية في العاصمة الإماراتية. ويمثل المجمع، الذي صمّمه المعماري البريطاني الغاني السير ديفيد أدجاي، ثمرة لرؤية الإمارات في تعزيز الحوار بين الأديان، وتجسيدًا لاتفاقيات إبراهيم التي تم توقيعها عام 2020.
يتضمن الموقع ثلاثة دور عبادة متجاورة: مسجد الإمام الطيب، وكنيس موسى بن ميمون، وكنيسة القديس فرنسيس، يتوسطها مركز ترحيب أنيق، وحديقة غنية بالنباتات المحلية، تعكس روح الانسجام بين الإنسان والطبيعة والدين.

زيارة روحية تبدأ من مركز ترحيب مضيء
يبدأ الزائر رحلته من مركز الترحيب، الذي يتميز بتصميمه الهادئ ومساحته الرحبة، حيث تُعرض محطات تاريخية مهدت لإنشاء المجمع، أبرزها “وثيقة الأخوة الإنسانية” التي وُقعت في أبوظبي عام 2019 بين بابا الفاتيكان والإمام الأكبر شيخ الأزهر.
المركز الذي يخضع لإجراءات أمنية سلسة، يُعد أيضًا قاعة متعددة الاستخدامات للفعاليات الثقافية والدينية، ويُمهّد للزائر تجربة روحانية مميزة.
دور عبادة بثقافات متكاملة
مسجد الإمام الطيب، الذي يحمل اسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، يتسع لنحو 300 مصلٍ، ويتميز بأقواسه السبعة، وسقفه المقبب المصمم لتعزيز صوت الإمام. الزخارف الإسلامية الدقيقة والنوافذ التي تسمح بدخول الضوء الطبيعي تخلق أجواء من السكينة والخشوع.
كنيس موسى بن ميمون، نسبة للفيلسوف اليهودي الشهير، يتسع لحوالي 200 مصلٍ. يتفرد بأعمدته الرمزية، وبركة “الميكفاه” الطقسية، وقاعة دراسية مزينة بالوصايا العشر. ويعلو الكنيس هيكل برونزي يحاكي خيام اليهود المتنقلة.
كنيسة القديس فرنسيس، تستوعب نحو 300 شخص، وتتميز بتصميمها الحديث وصليبها الذهبي البسيط. سقفها الخشبي المقوس، ونوافذها الممتدة، يضفيان عليها طابعًا صوتيًا ونورانيًا مميزًا. ويحيط بها حوض مائي مثلث الشكل، في إشارة رمزية إلى الثالوث المقدس ووحدة الديانات السماوية.
الحديقة: لغة الطبيعة بين الديانات
تربط حديقة خضراء بين دور العبادة الثلاث، مزروعة بأكثر من 200 نوع من النباتات المحلية، في تجسيد حي للتنوع والتكامل. ومن الحديقة، يمكن للزائر مشاهدة معالم بارزة مثل جامعة نيويورك أبوظبي ومعهد بيركلي، ما يعكس التفاعل بين الدين والتعليم والمجتمع.
بيت العائلة الإبراهيمية.. أنشطة يومية وحوارات بين الثقافات
لا يقتصر دور “بيت العائلة الإبراهيمية” على كونه موقعًا دينيًا، بل يفتح أبوابه يوميًا للزوار والمصلين، ويستضيف فعاليات متنوعة تشمل الصلوات، الحوارات الثقافية، المحاضرات، والتجمعات المجتمعية. كما تُنظم كل دار عبادة برامجها الخاصة بطقوسها الدينية.
وتحدَّث قائمة الفعاليات باستمرار عبر الموقع الرسمي للمجمع وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يتيح للزوار متابعة الأنشطة والمشاركة فيها بسهولة.
يُعد “بيت العائلة الإبراهيمية” نموذجًا حيًا لرؤية الإمارات في بناء جسور السلام والحوار بين الأديان، في زمن يشهد توترات وصراعات دينية متزايدة حول العالم. ومن قلب العاصمة، يوجه هذا الصرح رسالة مفادها أن التنوع الديني ليس تهديدًا، بل مصدر قوة ووحدة.
اقرأ أيضًا:
ترامب في الإمارات.. صفقات تاريخية واستثمارات ضخمة تعزز العلاقات الثنائية