دعاء الرياح والعواصف.. الرياح والعواصف من الظواهر الطبيعية التي تظهر عظمة الله وقدرته، وتذكّر الإنسان بضعفه وحاجته الدائمة إلى رحمة ربه وستره.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاعل مع هذه الظواهر بتواضع وخوف، لا على نفسه فقط، بل على أمته جمعاء.
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفًا يعكس هذا التفاعل الإيماني العميق، فتقول: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، فإذا مطر سر به، وذهب عنه ذلك، قالت: فسألته، فقال: إني خشيت أن يكون عذابًا سُلِّط على أمتي”.
هذا الحديث الشريف يُبرز لنا مدى وعي النبي صلى الله عليه وسلم بمغزى هذه الآيات الكونية، وكيف أنه كان ينظر إليها بعين الخشية لا بعين الاستهانة، مما يُعلّمنا ضرورة اللجوء إلى الله والدعاء في مثل هذه الأوقات، لا سيما عندما نشهد في عصرنا تزايد الظواهر الجوية المتطرفة، مثل العواصف الترابية والرياح الشديدة التي قد تُخلّف أضرارًا كبيرة.
ومن السنّة النبوية أن المسلم عند هبوب الرياح يدعو الله بأدعية تحفظه وتحفظ من حوله من شر هذه الظواهر، ومن أشهر هذه الأدعية ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلت به”.
وهناك العديد من الأدعية المأثورة والمأمولة التي يمكن ترديدها عند اشتداد الرياح أو ظهور العواصف والغبار، ومنها:
اللهم اجعل هذه الرياح رحمة ولا تجعلها عذابًا، اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا.
اللهم ارزقنا خيرها وجنبنا شرها، واجعلها بردًا وسلامًا على البلاد والعباد.
اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا ترفع عنا سترك، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
اللهم احفظ مصر وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، واجعل لنا من كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاء عافية.
إن الدعاء في مثل هذه الأحوال يُعد من التوسل المشروع، لما فيه من اعتراف بقدرة الله، والتضرع إليه بالدفع والوقاية، وهو من سنن الأنبياء والصالحين.
وقد ورد عن السلف أنهم كانوا يكثرون من الدعاء عند تغيّر أحوال الطقس، إذ يرون فيها إشارات من الله يجب التوقف عندها، واستحضار معنى التقوى والرجوع إلى الخالق. فالرياح، كما قال العلماء، قد تكون مبشّرة أو منذرة، وقد تُحمل معها الرحمة أو العذاب، لذا كان من الواجب أن يُقابلها المسلم بمزيد من الذكر والدعاء لا بالغفلة والانشغال بالدنيا.
في الختام، فلنتخذ من هبوب الرياح والعواصف فرصةً للتقرب من الله، ولنُذكّر أنفسنا وأهلينا بأن الدعاء في هذه الأوقات مستحب، لما فيه من طلب الحماية والرضا الإلهي. سائلين الله أن يجعلها رياح رحمة لا عذاب، وخير لا شر، وسكينة لا فزع.
اللهم آمين.