الإثنين, أبريل 21, 2025
Google search engine
الرئيسيةتقاريرالفاتيكان.. قلب المسيحية النابض وأصغر دولة في العالم

الفاتيكان.. قلب المسيحية النابض وأصغر دولة في العالم

في لحظة طغى فيها الحزن على قلوب الملايين حول العالم، ودّع العالم اليوم البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان الـ266، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد معاناة مريرة مع المرض، عُرف البابا الراحل بتواضعه الشديد، وانحيازه الدائم لقضايا الفقراء والمهمشين، ما جعله يحظى بمكانة استثنائية ليس فقط داخل الكنيسة الكاثوليكية، بل أيضًا على الساحة الإنسانية العالمية.

وعكة صحية حادة تنهي حياة قائد روحي عالمي

سادت حالة من القلق في الأسابيع الأخيرة بعد تدهور الحالة الصحية للبابا فرنسيس، الذي دخل في مرحلة حرجة إثر إصابته بالتهاب رئوي ثنائي حاد. وقد واجه البابا نوبتين من الفشل التنفسي، استدعت تدخلاً طبياً طارئًا في مستشفى جيميلي بالعاصمة الإيطالية روما، حيث خضع لعملية إزالة مخاط من الرئتين. وعلى الرغم من الجهود الطبية المكثفة، إلا أن حالته الصحية لم تتحسن، لتُعلن وفاته رسميًا صباح اليوم.

الفاتيكان.. أكثر من مجرد دولة

مع إعلان الوفاة، عمّ الحزن أروقة الفاتيكان، أصغر دولة في العالم من حيث المساحة، لكنها واحدة من أكثرها تأثيرًا روحيًا وسياسيًا. تأسست دولة الفاتيكان في 7 يونيو 1929 بموجب اتفاقية لاتران الشهيرة التي وُقعت بين الحكومة الإيطالية والكرسي الرسولي، لتصبح مقرًا رسميًا للكنيسة الكاثوليكية، وتتمتع بسيادة كاملة.

الفاتيكان
الفاتيكان

يُعتبر الفاتيكان مركز القيادة الروحية للمليار كاثوليكي حول العالم، ويترأسه البابا بصفته القائد الأعلى للكنيسة الكاثوليكية. ومن خلاله تُصاغ المواقف الرسمية بشأن قضايا دينية وأخلاقية معاصرة، مثل العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وقضايا البيئة.

البابا، إلى جانب منصبه الديني، يشغل أيضًا رئاسة دولة الفاتيكان، ويمارس صلاحيات تشريعية وتنفيذية، مما يمنحه دورًا محوريًا على المستويين الروحي والسياسي.

رموز خالدة في قلب الفاتيكان

تحتضن دولة الفاتيكان معالم دينية وثقافية فريدة، أبرزها:

  • كنيسة القديس بطرس: أكبر كنائس العالم، وموقع دفن القديس بطرس، أحد رسل السيد المسيح.
  • مكتبة الفاتيكان: واحدة من أقدم المكتبات، وتضم مخطوطات نادرة تشكل كنوزًا معرفية لا تُقدّر بثمن.
  • ساحة القديس بطرس: ملتقى المؤمنين من شتى بقاع الأرض، وموقع الصلوات العامة والمناسبات البابوية.

 

البابا فرنسيس إرث من الحوار والتسامح

لم يكن البابا فرنسيس مجرد رمز ديني، بل كان رسولًا للحوار بين الأديان والطوائف، ومدافعًا شرسًا عن التعايش الإنساني. وخلال فترة حبريته، عزّز علاقات الفاتيكان مع مختلف الكنائس والطوائف المسيحية، وساهم في فتح قنوات تواصل مع قادة الأديان الأخرى، في مسعى دائم نحو السلام والوحدة.

كما لعب الفاتيكان، بقيادته، دورًا دبلوماسيًا نشطًا عبر شبكة واسعة من العلاقات مع دول العالم، مما عزز مكانته كلاعب محوري في الملفات الإنسانية والاجتماعية.

وُلد خورخي ماريو برغوليو، المعروف لاحقًا باسم البابا فرنسيس، في 17 ديسمبر 1936 بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، لأسرة متواضعة من أصول إيطالية. التحق بسلك الرهبنة اليسوعية، وتميز منذ بداياته بروح الخدمة والالتصاق بالفقراء، ليُرسم كاهنًا في عام 1969، ثم يُرسم أسقفًا مساعدًا عام 1992، وأصبح رئيسًا لأساقفة بوينس آيرس في عام 1998.

في 13 مارس 2013، دخل البابا فرنسيس التاريخ كأول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول من ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية، وأول من يختار اسم “فرنسيس” تيمنًا بالقديس فرنسيس الأسيزي، رمز الفقر والبساطة.

منذ بداية حبريته، حمل فرنسيس رسالة التجديد والانفتاح، وركّز على قضايا العدالة الاجتماعية، البيئة، الهجرة، والسلام العالمي. عُرف بمواقفه الجريئة تجاه الإصلاح داخل الكنيسة، ورفضه للبذخ والشكليات، حيث تخلى عن الإقامة في القصر الرسولي، وفضّل السكن في بيت الضيافة البسيط داخل الفاتيكان.

كان البابا فرنسيس مدافعًا شرسًا عن المهمشين، وصوتًا للمضطهدين، وزعيمًا روحيًا امتدت رسالته إلى خارج حدود الكاثوليكية، فحاز احترام وتقدير قادة العالم، والمؤمنين من مختلف الأديان.

 

الفاتيكان أصغر دولة في العالم

تقع دولة الفاتيكان في قلب العاصمة الإيطالية روما، وتُعد أصغر دولة في العالم من حيث المساحة وعدد السكان، إلا أنها تحتل مكانة روحية فريدة لدى أكثر من مليار مسيحي كاثوليكي حول العالم.

تُمثل الفاتيكان المقر الرسمي للبابا، الزعيم الأعلى للكنيسة الكاثوليكية وخليفة القديس بطرس، أحد أبرز تلاميذ السيد المسيح، ويُعرف الكيان الحاكم فيها باسم “الكرسي الرسولي”، وهو الجهة التي تتولى الشؤون الدينية والدبلوماسية للدولة، ويُعد الكرسي الرسولي كيانًا مستقلًا معترفًا به دوليًا.

 

وتحتضن الفاتيكان كاتدرائية القديس بطرس، واحدة من أقدس وأكبر الكنائس في العالم، حيث يُعتقد أنها بُنيت فوق قبر القديس بطرس. كما تضم كنيسة سيستين الشهيرة، التي تزيّنها لوحات مايكل أنجلو الخالدة، إلى جانب مكتبة الفاتيكان وأرشيفها التاريخي الذي يوثّق آلاف السنين من الإرث الديني والسياسي.

تُعتبر الفاتيكان رمزًا للوحدة المسيحية، وصوتًا عالميًا في قضايا السلام والعدالة والبيئة، حيث تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، فضلًا عن مساهماتها في الشأن الإنساني العالمي من خلال رسائل البابا المتكررة والدعوات المستمرة للتسامح والتفاهم.

ورغم صغر مساحتها، فإن تأثير الفاتيكان الديني والسياسي والثقافي لا يزال يتردد صداه في أنحاء العالم، لتبقى بحق قلب المسيحية النابض وعاصمة الإيمان الكاثوليكي.

تعليقات الفيسبوك

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

المقالات الأكثر قراءة

احدث التعليقات