في خطوة جديدة أثارت قلق الأسواق العالمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على أجهزة “آيفون” المباعة داخل الولايات المتحدة، في حال لم تُصنّع محليًا، إلى جانب توصية بفرض رسوم بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 1 يونيو 2025.
وجاءت تصريحات ترامب عبر منصته “تروث سوشيال”، حيث وصف الاتحاد الأوروبي بأنه “شريك صعب”، مؤكدًا أن المفاوضات معه “لا تُفضي إلى نتائج مجدية”.
هزة في الأسواق العالمية بعد تصعيد ترامب
رد فعل الأسواق لم يتأخر، إذ شهدت العقود الآجلة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” تراجعًا بنسبة 1.5%، بينما هبط مؤشر “يورو ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 2%. وسجلت أسهم شركة “أبل” خسائر حادة بلغت 3.5%، متأثرة بتصريحات ترامب المرتبطة برسوم “آيفون”.
العملات والمؤشرات تحت الضغط
انخفض مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.9%، ليسجل أدنى مستوياته منذ عام 2023، وسط موجة من القلق حول الاستقرار المالي للولايات المتحدة.
وفي وول ستريت، تراجعت المؤشرات الثلاثة الكبرى مع نهاية الأسبوع، إذ سجل مؤشر “داو جونز” خسارة أسبوعية بنسبة 2.47%، متراجعًا بـ 0.61% في آخر جلسة. وهبط مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.67%، بينما انخفض مؤشر “ناسداك المركب” بنسبة 1%، مدفوعًا بمخاوف تباطؤ النمو وارتفاع الدين الأميركي.
ردود أوروبية وتحذيرات من التصعيد
في أوروبا، ورغم تقليص الخسائر بنهاية جلسة الجمعة، أغلق مؤشر “ستوكس 600” على انخفاض بنسبة 0.9% للأسبوع، وسط تحذيرات من مسؤولين أوروبيين حول “رد محتمل” على أي رسوم جمركية جديدة تفرضها الولايات المتحدة.
الذهب يعود إلى الواجهة
في المقابل، استفادت أسعار الذهب من تصاعد المخاوف، لترتفع بنسبة 2.1%، محققة أفضل أداء أسبوعي لها منذ ستة أسابيع. وعزا محللون هذا الارتفاع إلى تراجع الدولار وتوجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة في ظل الأجواء المتوترة.
وأوضح تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى “KCM Trade”، أن المخاوف المتعلقة بالوضع المالي الأميركي تفوقت على موجة التفاؤل التجاري الأخيرة، ما أعاد الذهب إلى دائرة الضوء كملاذ آمن.
وأضاف ووترر أن استمرار الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية، وارتفاع الدين الأميركي، والتوترات الجيوسياسية، قد يدفع بأسعار الذهب إلى البقاء فوق عتبة 3 آلاف دولار في المدى القريب.
توتر تجاري جديد بين امريكا وأوروبا.. والاتحاد الأوروبي يهدد بالرد
وفي تصعيد جديد للتوترات التجارية العابرة للأطلسي، أعلن المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، أن الاتحاد “جاهز للدفاع عن مصالحه” في مواجهة التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع الواردات الأوروبية، اعتبارًا من الأول من يونيو المقبل.
تصريحات سيفكوفيتش جاءت عقب اتصال هاتفي مع الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير، شدد فيه على أن الاتحاد الأوروبي “يتحلى بحسن النية” في سعيه للتوصل إلى اتفاق تجاري عادل مع الولايات المتحدة، محذرًا من أن العلاقات التجارية بين الجانبين يجب أن تقوم على “الاحترام المتبادل، لا التهديدات”.
ترامب يصعّد… وأوروبا تتحضّر للرد
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعرب عن استيائه من بطء وتيرة المفاوضات، مؤكدًا أن قراره بفرض رسوم جمركية مشددة ليس مجرد مناورة تفاوضية، بل خطوة حقيقية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب. وتشمل الإجراءات المقترحة: رسوم بنسبة 25% على السيارات والصلب، و200% على بعض المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى تهديدات عامة قد تطال معظم الواردات الأوروبية.
ورغم أن واشنطن منحت مهلة تأجيل جزئي مدتها 90 يومًا، إلا أن بروكسل لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ كشفت عن حزمة من الإجراءات المضادة قد تصل قيمتها إلى 100 مليار يورو من السلع الأمريكية، مع احتمالية استهداف شركات التكنولوجيا العملاقة العاملة داخل أوروبا.
داميان ليدا، مدير إدارة الأصول في شركة “جاليلي”، أكد أن أوروبا تملك أدوات فعالة لمواجهة الضغوط الأمريكية، مشيرًا إلى أن “الاتحاد الأوروبي لا يزال أحد أقوى التكتلات الاقتصادية في العالم، ويتمتع بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة وقوة شرائية هائلة”.
وأضاف ليدا أن “الاتحاد الأوروبي قادر على التأثير في قطاعات استراتيجية أمريكية مثل التكنولوجيا، الزراعة، والطيران”، مشددًا على أن الرد الأوروبي بالمثل قد تكون له تداعيات اقتصادية وخيمة على واشنطن.
وبينما تقترب المهلة النهائية، يبقى السؤال: هل تنزلق العلاقات الاقتصادية بين الحليفين التقليديين إلى حرب تجارية مفتوحة؟ أم تنجح الدبلوماسية في نزع فتيل الأزمة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
