السبت, أبريل 19, 2025
Google search engine
الرئيسيةتقاريراتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. بين التفاؤل وأزمة الثقة وحسابات الربح...

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. بين التفاؤل وأزمة الثقة وحسابات الربح والخسارة

وسط أجواء تتسم بالتصعيد الحذر، أضحى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس أشبه برقعة شطرنج مشحونة بالتوتر، حيث تُدار المفاوضات وسط ضغوط محلية ودولية وتوقعات تتأرجح بين النجاح والانهيار.

وتلوح في الأفق بارقة تهدئة قد تكون الفرصة الأخيرة لوقف النزيف الدموي في غزة، إلا أن هذه التهدئة، التي جاءت بعد مفاوضات شاقة وضغوط دولية مكثفة، تبدو كمن يسير على حبل مشدود، حيث تتقاذفها شكوك الأطراف وخلافات اللحظة الأخيرة، فهل يصمد الاتفاق أمام العواصف السياسية والعسكرية، أم أنه مجرد هدنة مؤقتة ستنهار تحت وطأة المصالح المتضاربة؟.

اتفاق وقف إطلاق النار بين معضلة التهدئة وأزمة الثقة بين الجانبين

الاتفاق، الذي وُصف من قبل مصادر عديدة بأنه “هش”، يعكس غياب الثقة المتبادلة بين الجانبين، حيث يقول رئيس مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض: “الاتفاق مليء بالتعقيدات والمطبات التي لا توفر ضمانات حقيقية لاستمراريته”.

وعلى الجانب الإسرائيلي، أجلت الحكومة المصغرة مناقشة الاتفاق وسط انقسامات داخلية حادة، واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حركة حماس بالسعي للحصول على تنازلات إضافية في اللحظات الأخيرة، بينما نفت الحركة هذه المزاعم، واصفة إياها بأنها “محاولة للتغطية على خلافات داخلية”.

حسابات الربح والخسارة بين حماس وإسرائيل

يقول الخيراء أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نجحت في تقليص القدرات العسكرية لحماس لكنها لم تتمكن من القضاء عليها بالكامل”، ومع استمرار العمليات العسكرية، تتزايد الانتقادات الدولية بسبب استهداف المدنيين الفلسطينيين، الذين تجاوز عدد ضحاياهم 50 ألفًا خلال الأشهر الأخيرة.

وعلى الجانب الآخر تواجع حركة حماس ضغوطًا شعبية مكثفة خشية أن تُستغل التهدئة كوسيلة لاستهدافها سياسيًا أو عسكريًا لاحقًا.

ويقول المحللون السياسيين إن حماس تعتمد على الحاضنة الشعبية المتأججة بمشاعر الظلم والاحتلال، محذرين من أن غياب البدائل السياسية قد يدفع الحركة للاستمرار في الكفاح المسلح.

البعد الإقليمي والدولي لاتفاق وقف إطلاق النار

الاتفاق جاء تحت مظلة متغيرات إقليمية ودولية معقدة، حيث تلعب الولايات المتحدة اللأمريكية دورًا حاسمًا في ضمان عدم انهيار الاتفاق، لكنها تواجه تحديات بفعل تراجع نفوذها الإقليمي.

من جانب آخر، تبدو إيران لاعبًا حاضرًا في المشهد، حيث أشار المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية كوبي لافي إلى أن انسحاب إيران من الإقليم سيترك فراغًا قد تستغله إسرائيل لتعزيز تحالفاتها مع الدول العربية المعتدلة.

الداخل الإسرائيلي.. معارضة تهدد التهدئة

تشهد إسرائيل انقسامات داخلية غير مسبوقة، حيث تسعى المعارضة لفرض أجندتها على الحكومة، ويشير مراقبون إلى أن هذه المعارضة تدعم نتنياهو “ظاهريًا”، لكنها ترفض تحمل تبعات استحقاقات التهدئة على المدى الطويل، وتبرز التناقضات داخل الحكومة الإسرائيلية من خلال مواقف وزراء مثل بن غفير وسموتريتش، اللذين يتبنيان خطابًا استفزازيًا يعزز هشاشة الاتفاق.

وقد أعلنت الحكومة الأمنية الإسرائيلية، الجمعة، موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، ورفعت توصية إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليه. جاء القرار بعد مراجعة شاملة لكافة الجوانب السياسية والأمنية والإنسانية، مع التأكيد على أن الاتفاق يدعم تحقيق أهداف الحرب، وفقًا لما صرحت به السلطات الإسرائيلية.

اجتماع الحكومة الإسرائيلية
اجتماع الحكومة الإسرائيلية

 

ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ الاتفاق، الذي تم الإعلان عنه بوساطة قطرية وأمريكية يوم الأربعاء الماضي، يوم الأحد المقبل، في خطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع في القطاع.

استدامة الاتفاق

رغم كل التحديات، فإن التوصل إلى تهدئة، ولو مؤقتة، يمثل بارقة أمل لوقف نزيف الدماء، ومع ذلك، تبقى الاختبارات الكبرى متمثلة في تنفيذ بنود الاتفاق، مثل تبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة، وهي نقاط قد تعيد الأطراف إلى دائرة التصعيد.

وفي النهاية، يظل مصير التهدئة رهينًا بإرادة الأطراف للانخراط في عملية تسوية حقيقية، مدعومة بضغط دولي يعيد ترتيب الأولويات الإقليمية، ومع ذلك، فإن هشاشة الواقع تضع الاتفاق في مواجهة مفتوحة مع خطر الانهيار في أي لحظة.

 

بنود اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة يناير 2025

شهدت العاصمة القطرية الدوحة الإعلان عن اتفاقية تاريخية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد شهور من التصعيد العسكري الذي بدأ عقب عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر 2023، وجاء الاتفاق بعد جهود دبلوماسية مكثفة وضغوط دولية قادتها كلا من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر.

ملامح المرحلة الأولى

تستمر هذه المرحلة 42 يومًا، وتهدف إلى تهدئة الأوضاع تدريجيًا، حيث تشمل البنود التالية:

وقف العمليات العسكرية:

يتم تعليق الأنشطة العسكرية المتبادلة بين الطرفين، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى مسافة 700 متر عن الحدود، مع تحديد المواقع وفق خرائط ما قبل أكتوبر 2023.

تخفيف الحصار الجوي: تقييد الطلعات الجوية الإسرائيلية إلى 10 ساعات يوميًا، وزيادتها إلى 12 ساعة في أيام تبادل الأسرى.

احتفالات اتفاق وقف إطلاق النار
احتفالات اتفاق وقف إطلاق النار

إطلاق سراح الأسرى:

تفرج إسرائيل عن ألفي أسير فلسطيني، بينهم 250 محكومًا بالمؤبد وألف اعتقلوا بعد أكتوبر 2023، كما تطلق حركة حماس 33 محتجزًا إسرائيليًا، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، مقابل إطلاق أعداد متناسبة من الأسرى الفلسطينيين.

عودة النازحين:

تنسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من مناطق القطاع، بما في ذلك “وادي غزة”، مع تأمين عودة النازحين وتوفير حرية التنقل للسكان.

فتح معبر رفح بعد سبعة أيام من بدء المرحلة الأولى، والسماح بدخول 600 شاحنة يوميًا تحمل مساعدات ومواد إغاثة.

دخول المساعدات الإنسانية: تُسرّع العمليات الإنسانية، بما في ذلك بناء وحدات سكنية مؤقتة وإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.

جدول تبادل الأسرى:

تطلق حماس سراح دفعات متتالية من المحتجزين الإسرائيليين، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين وفق جداول زمنية محددة.

 

ملامح المرحلة الثانية

تمتد المرحلة الثانية أيضًا لمدة 42 يومًا، وتشمل:

إرساء الهدنة الدائمة: الوقف النهائي للعمليات العسكرية والأنشطة العدائية.

استكمال تبادل الأسرى: الإفراج عن باقي المحتجزين لدى الطرفين، بما في ذلك جميع الرجال الإسرائيليين الأحياء.

انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية: خروج الجيش الإسرائيلي من جميع مناطق قطاع غزة.

 

المرحلة الثالثة: إعادة الإعمار

تغطي هذه المرحلة فترة 42 يومًا إضافية، مع التركيز على:

تبادل جثامين الموتى: إتمام عمليات تسليم الرفات بين الطرفين.

إعادة إعمار غزة: بدء تنفيذ خطة شاملة لإعادة الإعمار، تشمل المنازل والبنية التحتية لمدة من 3 لـ 5 سنوات، بإشراف دولي من الأمم المتحدة ومصر وقطر.

فتح المعابر: ضمان حرية الحركة للأفراد والبضائع عبر كافة المعابر.

ويشترط الاتفاق الالتزام المتبادل من الطرفين بجميع البنود، وضمان حرية مرور المساعدات واستمرار العمليات الإنسانية، كما تتعهد الدول الراعية ببذل جهود حثيثة لضمان استدامة المفاوضات حتى إتمام المراحل كافة، مما يفتح بابًا للأمل في تحقيق سلام مستدام وإعادة إعمار شاملة لقطاع غزة.

اقرأ أيضًا:

مئات شاحنات المساعدات تتأهب في العريش لدخول غزة

ترامب يدعو لتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل تسلمه السلطة

تعليقات الفيسبوك

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

المقالات الأكثر قراءة

احدث التعليقات