في خطوة مثيرة للجدل، تصدر تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” قائمة التنزيلات في متجر آبل بالولايات المتحدة، متجاوزًا “شات جي بي تي” التابع لشركة “أوبن إيه آي”، هذا الإنجاز، الذي كشفت عنه شركة أبحاث التطبيقات “سنسور تاور”، يعزز موقع “ديب سيك” كمنافس قوي في ساحة الذكاء الاصطناعي العالمية، ما يثير قلق عمالقة التكنولوجيا في الغرب.
ديب سيك.. تفوق مفاجئ يهز الأسواق
يعود نجاح “ديب سيك” إلى استراتيجيته التسعيرية التنافسية، حيث يقدم خدماته بسعر 0.55 دولار لكل مليون رمز إدخال، مقارنة بـ 15 دولارًا لنموذج “أوبن إيه آي 1″، كما أثبت التطبيق تفوقه في اختبارات البرمجة بنسبة نجاح بلغت 97%، متجاوزًا العديد من النماذج المنافسة.
وقد نال التطبيق إعجاب المستخدمين بفضل أدائه السلس على الهواتف الذكية، فضلًا عن قدرته على تنفيذ مهام معقدة مثل العمليات الحسابية المتقدمة، كما أطلقت الشركة إصدارات مدمجة تعمل على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة الذكية الأخرى، مما عزز من انتشاره عالميًا.
مخاوف أمريكية وتحذيرات أمنية
لم يمر نجاح “ديب سيك” دون إثارة المخاوف، حيث وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ظهور التطبيق بأنه “إنذار” لشركات التكنولوجيا الغربية، خاصة مع تقديمه خدمات قوية بتكلفة منخفضة.

لكن رغم شعبيته المتزايدة، حذر خبراء أمن المعلومات من مخاطر تتعلق بخصوصية البيانات، وأشار أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة أكسفورد، مايكل وولدردج، إلى احتمال مشاركة البيانات المدخلة مع الحكومة الصينية، محذرًا من تحميل معلومات حساسة عبر التطبيق.
من جهتها، ديم وندي هول، عضو الهيئة الاستشارية الرفيعة للأمم المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، شددت على ضرورة توخي الحذر، مشيرة إلى أن الشركات الصينية ملزمة بالامتثال لقوانين بلادها المتعلقة بجمع المعلومات.
هل يصبح “ديب سيك” أداة للتضليل الإعلامي؟
بالإضافة إلى المخاوف الأمنية، حذر روس بيرلي، مؤسس مركز “المرونة المعلوماتية”، من أن التطبيقات غير الخاضعة للرقابة قد تُستخدم لنشر معلومات مضللة وتقويض الثقة العامة، مما قد يؤثر على الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم.
وأظهرت اختبارات المستخدمين أن التطبيق الصيني يتبنى مواقف سياسية محددة، حيث امتنع عن تقديم إجابات محايدة بشأن قضايا حساسة مثل وضع تايوان، مكتفيًا بعكس الموقف الرسمي للحكومة الصينية.
الذكاء الاصطناعي بين الابتكار والمخاطر
مع تزايد التنافس في سوق الذكاء الاصطناعي، يبقى السؤال: هل ستتمكن الشركات الغربية من مواجهة هذا التحدي الصيني الجديد؟، في ظل هذه التطورات، يدعو الخبراء إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لحماية البيانات وضمان عدم استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للتضليل أو التجسس. وبينما يواصل “ديب سيك” إثبات جدارته، تظل الشكوك قائمة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المشهد التكنولوجي العالمي.