دائما الذهب يتألق في الأزمات باعتباره الملاذ الآمن للمستثمرين من الأفراد والشركات، وقد شهدت أسعار الذهب خلال عام 2024 ارتفاعًا قياسيًا تجاوز حاجز 2700 دولار للأوقية، مدفوعةً بالمخاوف الاقتصادية والتضخم العالمي، ومع اتجاه المستثمرين نحو المعدن النفيس كملاذ آمن، ساهمت البنوك المركزية بزيادة الطلب على الذهب من خلال عمليات شراء مكثفة.
كيف يتألق الذهب في الأزمات؟
وقد جاء ارتفاع أسعار الذهب في 2025 مدفوعًا بمجموعة من العوامل، أبرزها إقبال البنوك المركزية على شراء الذهب بشكل غير مسبوق، والاضطرابات الجيوسياسية التي عززت مكانته كملاذ آمن، ولكن مع تراجع الأسعار قرب نهاية العام، تبرز تساؤلات ملحّة حول مستقبل المعدن النفيس في 2025، فهل سيحافظ الذهب على بريقه، أم أن التحديات القادمة قد تضع حدًا لتألقه؟
تأثير قرارات الفيدرالي على أسعار الذهب
لعبت تخفيضات الفائدة التي أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي دورًا رئيسيًا في تعزيز الاستثمار بالذهب، ما دفع الأسعار إلى مستوياتها المرتفعة، ومع ذلك، عادت الأسعار لتتراجع أواخر العام نفسه، مما أثار تساؤلات حول مستقبل هذا الأصل الثمين مع دخول عام 2025.
وفي تقرير نشره موقع “CBS News”، تمت مناقشة السيناريوهات المحتملة لمستقبل الذهب في العام الجديد، مع تسليط الضوء على العوامل التي يجب مراقبتها من قبل المستثمرين الراغبين في تنويع محافظهم الاستثمارية، نستعرضها معكم فيما يلي:
السيناريوهات المحتملة لمسار الذهب في 2025
المكاسب المعتدلة:
يتوقع خبراء أن يحافظ الذهب على مكاسب محدودة خلال 2025، مدعومًا بارتفاع الطلب نتيجة الصراعات العالمية التي عززت جاذبيته كملاذ آمن، كما يُتوقع أن تسهم تخفيضات إضافية للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في إضعاف الدولار، مما يزيد من جاذبية الذهب.
استقرار الأسعار:
وفقًا لـ”كيفين شهنازاري”، مؤسس شركة FinlyWealth، قد تظل أسعار الذهب مستقرة إذا استقرت معدلات التضخم عند 2% مع استقرار الدولار وهدوء التوترات الجيوسياسية.
التراجع:
ورجح السيناريو الثالث تراجع الأسعار، في حال شهد الدولار قوة غير متوقعة مصحوبة بارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، فقد يتعرض الذهب لضغوط تدفعه نحو التراجع.
العوامل التي تحدد اتجاه الأسعار
سلطت “برادلي فوستر آند سارجنت”، مؤسسة الأبحاث الاستثمارية، الضوء على خمسة عوامل رئيسية قد تؤثر على أسعار الذهب:
مؤشر الدولار: ضعف الدولار يدعم ارتفاع الذهب، بينما العكس صحيح.
العوائد الحقيقية: تؤثر العوائد المرتفعة سلبًا على أسعار الذهب.
مشتريات البنوك المركزية: تستمر في خلق طلب مستدام على الذهب بغض النظر عن أسعار السوق.
الدين الأمريكي والتضخم: العجز المتزايد في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى تضخم أعلى يعزز أسعار الذهب.
مفاجآت السوق: كالهجمات السيبرانية أو الأزمات الكبرى التي تُشعل الطلب على الذهب.
مع دخول 2025، يبقى الذهب في واجهة الاهتمام الاستثماري، حيث تتشابك العوامل الاقتصادية والجيوسياسية لرسم ملامح جديدة لهذا الأصل التاريخي، وفي ظل هذه المعطيات، يشدد الخبراء على ضرورة مراقبة تطورات الأسواق عن كثب لتحديد أفضل استراتيجيات الاستثمار، ويبدو أن الذهب سيظل خيارًا حيويًا ضمن استراتيجيات التنويع، لكن المستثمرين بحاجة إلى تقييم مستجدات الاقتصاد العالمي واستيعاب تأثير العوامل الكبرى التي تُعيد تشكيل مشهد الأسواق.
أسعار الذهب العالمية اليوم
تراجعت أسعار الذهب في الأسواق العالمية اليوم الخميس بعد أن سجلت مستويات قريبة من أعلى مستوى لها خلال ثلاثة أشهر في الجلسة السابقة، ويأتي هذا الانخفاض مع استعادة الدولار قوته وترقب المستثمرين لتوجهات السياسات التجارية الجديدة التي ستعلنها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حسب ما نشرت وكالة “رويترز”.
انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1% ليصل إلى 2751.99 دولار للأوقية، مقارنة بـ2763.43 دولار للأوقية يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى منذ 31 أكتوبر عندما سجل الذهب 2790.15 دولار، أما في العقود الأمريكية الآجلة، فقد تراجعت الأسعار بنسبة 0.4% لتستقر عند 2760.20 دولار.
تأثير التوترات التجارية على أسعار الذهب
واقترح ترامب فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على واردات المكسيك وكندا، و10% على الصين بدءًا من فبراير المقبل، كما أعلن عزمه فرض رسوم على الواردات الأوروبية دون تقديم تفاصيل إضافية، مما أثار مخاوف المستثمرين حول التأثيرات المحتملة لهذه السياسات على الاقتصاد العالمي.
وأشار المحلل الفني لدى “رويترز”، وانج تاو، إلى احتمالية مواجهة الذهب مقاومة عند مستوى 2759 دولارًا، ما قد يؤدي إلى حركة تصحيحية في الأسعار.
ومن المتوقع أن يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعًا الأسبوع المقبل وسط استمرار النمو الاقتصادي وتراجع معدلات التضخم، في ظل عدم وضوح تأثير السياسات التجارية المقترحة، ومن المرجح أن يُبقي البنك على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه يومي 28 و29 يناير، حيث تؤثر الفائدة المرتفعة على جاذبية الذهب الذي لا يدر عائدًا.
وفي حين تنتظر الأسواق أيضًا قرارات من البنك المركزي الأوروبي حول خفض الفائدة بشكل أكبر، مع توقعات برفع بنك اليابان لأسعار الفائدة غدًا الجمعة، مما قد يضيف المزيد من التحركات في سوق المعادن النفيسة.
اقرأ أيضًا:
وقف إطلاق النار في غزة يفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد المصري.. زيادة عائدات قناة السويس والسياحة
