شهدت أسعار الذهب العالمية قفزة تاريخية، مسجلة مستويات غير مسبوقة، في ظل تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية التي دفعت المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن وسط الضبابية الاقتصادية. وارتفع سعر أونصة الذهب بنهاية التداولات الأسبوعية إلى 3086 دولارًا، بعد أن بدأ التداول عند 3056 دولارًا، محققًا أعلى مستوى له على الإطلاق.
حرب تجارية ترفع أسعار الذهب العالمية
تأتي هذه الارتفاعات على خلفية الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أثارت مخاوف من تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين. فقد أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات، وهو ما أثار ردود فعل حادة من كندا والصين وأوروبا والمكسيك، التي تستعد لاتخاذ تدابير انتقامية.

ووسط حالة عدم اليقين هذه، يزداد الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، في وقت تتأثر فيه الأسواق بتقلبات حادة بفعل السياسات التجارية الأمريكية. وتشير توقعات المحللين إلى أن المعدن الأصفر قد يواصل ارتفاعه ليصل إلى مستوى 3100 دولار للأونصة خلال الفترة المقبلة.
التوترات الجيوسياسية تعزز مكاسب الذهب
لم تقتصر العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الذهب على الحرب التجارية، بل لعبت التوترات الجيوسياسية دورًا بارزًا أيضًا. فقد زادت المخاوف مع تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب انهيار وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، مما عزز الاتجاه نحو الأصول الآمنة.
الاحتياطي الفيدرالي والتضخم تحت المجهر
في سياق متصل، تترقب الأسواق بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ويتوقع الاقتصاديون أن يسجل التضخم ارتفاعًا يفوق المستوى المستهدف عند 2%، وهو ما قد يقلل احتمالات خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
وأكد توم باركين، رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، أن السياسة النقدية الحالية تبقى مناسبة بالنظر إلى تزايد حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، والتقلبات السريعة في السياسات الاقتصادية الأمريكية.

انعكاسات محلية: أسعار الذهب في مصر تسجل مستويات غير مسبوقة
على الصعيد المحلي، سجلت أسعار الذهب في مصر ارتفاعًا قياسيًا، حيث بلغ سعر الجرام 4360 جنيهًا، محققًا زيادة قدرها 615 جنيهًا منذ بداية العام، أي بنسبة 16.5%. وأرجع إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة في اتحاد الصناعات المصرية، هذه القفزة إلى تأثر السوق المحلية بالتطورات العالمية، مشيرًا إلى أن سعر الأونصة أصبح العامل الأساسي في تحديد اتجاهات الذهب في مصر.
وشدد واصف على أهمية مراقبة تطورات السياسات التجارية الدولية، مؤكدًا أن استمرار التصعيد في الحرب التجارية قد يدفع أسعار الذهب إلى مزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن المعدن الأصفر بات في صدارة الأصول الاستثمارية الأكثر تحقيقًا للعوائد منذ بداية العام، ما يعزز جاذبيته للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار في ظل التقلبات الاقتصادية المتسارعة.
بينما تستمر التوترات التجارية والجيوسياسية في التصاعد، تبقى أسواق الذهب في حالة تأهب، مترقبة تطورات المشهد الاقتصادي العالمي. ومع احتمالية فرض مزيد من الرسوم الجمركية وردود الفعل الانتقامية، قد يواصل الذهب تسجيل مكاسب قياسية، مما يجعله الملاذ الأكثر أمانًا للمستثمرين في الفترة المقبلة.