في الوقت الذي يُنظر فيه إلى الانطواء على أنه سمة وراثية لدى بعض الأطفال، تشير أبحاث حديثة إلى أن البيئة الأسرية وأساليب التربية تلعب دوراً محورياً في تشكيل شخصية الطفل وميوله الاجتماعية. فبينما يفضّل بعض الأطفال قضاء وقتهم بمفردهم ويشعرون بالإرهاق من التواصل الاجتماعي، إلا أنهم قد يبدون سلوكاً مختلفاً تماماً في بيئة مريحة وآمنة، حيث يتحدثون بطلاقة وينفتحون على الآخرين.
وفي هذا السياق، نشر موقع Raising Children تقريراً يحذّر من عدة ممارسات تربوية قد تسهم في تعزيز الانطواء لدى الأطفال، ويستعرض أبرز هذه الأخطاء:
ألقاب تقيّد الشخصية
إطلاق صفات مثل “خجول” أو “هادئ” على الأطفال، خاصة عند تقديمهم للآخرين، قد يبدو سلوكاً بريئاً، لكنه مع الوقت يرسّخ صورة سلبية عن الذات لدى الطفل، ويعزز القلق الاجتماعي، مما يحدّ من تفاعله الطبيعي مع الآخرين.
المقارنة… فخّ لا يدركه كثير من الآباء
من أكثر الأخطاء شيوعاً مقارنة الطفل الانطوائي بأقرانه المنفتحين. هذه المقارنات تؤثر سلباً على احترام الطفل لذاته وتجعله يشعر بالنقص، لذا يجب على الأهل قبول أطفالهم كما هم، وتشجيعهم على التواصل وفقاً لإيقاعهم الخاص.
الانتقاد العلني والإحراج
انتقاد الطفل أمام الآخرين أو الشكوى المتكررة من سلوكياته يترك أثراً عميقاً في نفسه، ويزيد من عزلته. بدلاً من ذلك، يُنصح بمحاولة فهم شخصية الطفل والتعامل معها بمزيد من التعاطف والاحتواء.
محاولات “تصحيح” السلوك
إجبار الطفل الانطوائي على الانخراط في تجمعات أو نشاطات اجتماعية مرهقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ يحتاج هؤلاء الأطفال إلى وقت كافٍ لإعادة شحن طاقتهم بعيداً عن الضجيج.
إغفال الجوانب الإبداعية
غالباً ما يتمتع الأطفال الانطوائيون بحس فني وميل للنشاطات الفردية مثل الرسم، الكتابة، أو العزف. دعم هذه الاهتمامات يسهم في بناء الثقة بالنفس والتعبير عن الذات.
غياب التفاعل الأسري
غياب قضاء وقت نوعي مع الطفل، جسدياً وذهنياً، من شأنه أن يعمّق مشاعر العزلة لديه. الأطفال الانطوائيون بحاجة ماسة لتواصل حميم ومستمر مع والديهم.
الإفراط في النقد أو الحماية
كثرة التوبيخ أو الإفراط في الحماية يمنع الطفل من اكتساب الثقة والاستقلالية، ويعيق نمو شخصيته. من الضروري السماح له بالتجربة والخطأ والتعلم الذاتي.
المهارات الاجتماعية تبدأ من المنزل
رغم تفضيل الطفل الانطوائي للعزلة، إلا أنه بحاجة إلى تعلم المهارات الاجتماعية الأساسية. ويمكن أن يكتسبها من خلال تقليد سلوك والديه ومراقبة تفاعلاتهم مع الآخرين.
كيف تتعامل مع طفلك الانطوائي؟ إليك بعض النصائح:
احترم شخصيته ولا تحاول تغييرها بل ساعده على تطويرها.
تجنّب المقارنات والإجبار على الاختلاط الاجتماعي.
أخلق بيئة هادئة وآمنة تتيح له التعبير عن نفسه.
قدّر مواهبه واهتماماته حتى لو كانت غير تقليدية.
شجّعه على تطوير مهاراته الاجتماعية تدريجياً، وبما يتماشى مع طبيعته.
كن حاضراً ومهتماً بحديثه وأسئلته ومشاعره.
اطلب المساعدة عند الحاجة، فالاستعانة بأخصائي نفسي قد توفّر دعماً حاسماً لنمو الطفل بشكل صحي ومتوازن.